Monday, April 14, 2008

النزاع بين النفس وبين الآخرين

هل النزاع ضرورة ؟؟؟ ايجابياته .... سلبياته....... وطريق الحل.

إن النزاع أو النزاعات في التعامل الإداري لأمر حتمي وغالبا ما يكون من الأمور الجيدة والتي تعطينا طريقا لتصحيح المسارات وفهم النوافذ المغلقة في المفاهيم الإنسانية المشتركة .
إن التناقض بين الآراء والأفكار المشوشة وعدم الاتفاق فيما بين طرفي النزاع لهو المدخل إلي دائرة الخلاف .
ولنبدأ من الآن للدخول لدائرة النزاع الأولي ، ولعلك تتسأل هل للنزاع أكثر من دائرة وهل تتقاطع الدوائر فيما بينها لتكون نقاطا للتماس ذات الأثر علي شكل المساحة المتقاطعة ليظهر حجم النزاع . أقول نعم
فالدائرة الأولي هي مع النفس ، والدائرة الثانية دائرة الآخرين ، ولنبدأ بدائرة النزاع الأولي وهي دائرة نزاع الذات .

نزاع الذات :

متي يحدث النزاع مع الذات ، عندما نشعر بأن القيمة التي نقدرها مع ذاتنا غير كافية لإقناعنا بأنفسنا وذاتنا ، عندما نشعر أن هناك فرصا متاحة مهددة للمصالح الخاصة بنا ، إنها جلد الذات ، إن اخطر ما في النزاع الداخلي مع أنفسنا هو الضيق من الخوف لعدم المعرفة أو قلة الانجاز في الاداء أو العمل ، إن ما يدور بداخلنا من نزاع ينعكس علي الآخرين ومن دائرة النزاع لدينا ندخل لدائرة نزاع الآخرين من دائرتنا لدائرة الآخرين فكيف يكون التماس أو الالتقاء ، أو الاتحاد أو التقاطع في دوائر النزاع .

ويتبادر في الذهن دائما هل نحتاج للنزاع ، نعم ، انه يرفع أشكالا متعددة من المشاكل نضع لها أسماء جديدة وعناوين جديدة وتدخل بنا إلي سراديب مضاءة بعد أن كانت معتمة ، وبها يعتدل مسارات إدارية كثيرة .

إن النزاع يحرك الأفراد إلي العمل نحو تنشيطه، ولكن هل النزاع يسبب مشكله ، والإجابة نعم في حالة واحدة وهي وجود إدارة ضعيفة غير قادرة علي تحديد وتنفيذ وفصل معطيات النزاع .

إذا ما شاهدنا في المجموعة قلة بالعمل والإنتاج ، وضعف وقله بالروح المعنوية وسلوكا مضطربا ومعيبا وغير ملائم بين المجموعة فأنت في مجموعة يسودها جو النزاع .

إن النزاع أو نشأة النزاع لأمر طبيعي بين الفرد وذاته ، وبين الفرد وغيره ، وبين الفرد ومجموعة ، وبين مجموعة وأخري ، وتلك أشكال النزاع .
يعزي النزاع إلي تعارض بالفكر والرأي والعقيدة سواء كان النزاع معلنا أو غير ذلك ، ولكن في كل الأحوال يصاحب ذلك ردود أفعال وانفعالات تختلف من مكان إلي مكان حسب معايير التباين في الخبرات والمعارف والمعتقدات والقيم والسلوك ، ويتوقف تحديد ذلك علي ذوي العلم والخبرة ومن لديهم القدرة علي الحكم علي الصواب والخطأ والتمييز فيما بينهما وهي قدرات يتسم بها ذو الصفات الخاصة والسلوك النبيل .

نزاع العمل :

إن النزاع في العمل قد يعزي لعدة أسباب كثيرة منها :
1- ضعف قنوات الاتصال ، فضعف القنوات الاتصالية بين الأفراد يضعهم في مفاجئات مستمرة وبالذات حينما يصدر قرارا يوهم ليسوا علي علم به ، مما يدعوهم للتحري عن أسباب القرار وليس ما يحتويه وأبعاده ، وما هي القوة الدافعة إلي مثل هذه القرارات وقد ينشأ من ذلك قوي مضادة تعمل في الخفاء لتدمير القرار والوقوف ضده دون فهمه أو حتى معرفة أبعاده ، ويظهر معها رياح الإشاعات ومطاحن الشك والريبة ويصبح الشك حقيقة وأكثر ثقة من قرارات الإدارة ذاتها وهنا تقبع المأساة .
2- إن ضغوط العمل والتي تقع علي عبء الموظف دونما توفير للحد الادني لمصادر تدوير العمل وإدارته والتي تساعده علي بناء الثقة لأمر يؤدي به للتوتر مع الذات ليقع النزاع مع الذات وليتم تصديره للآخرين .
3- أن اخطر ما في النزاع هو وجود عبارة هامة علينا أن ندركها ونتداركها ألا وهي من يعمل ؟؟؟ ماذا ؟
من يقوم بهذا العمل وماذا يعمل ،، إذن تحديد العمل ومهامه ودوره ومن هو الشخص الملائم لهذا الدور ؟
4- لعلنا ندرك أن لكل إنسان كيمياء خاصة به في التعامل مع ذاته أو مع الآخرين ، فكل فرد له كيمياء في التعامل مع الآخرين وفهم المكون الإنساني الكيميائي الخاص بك يساعدك علي فهم قيمة النزاع وردة الفعل مع الآخرين لأنها تفاعل بين قطبين وبين التفاعل ومدخلات التفاعل ومخرجاته هناك عوامل مثبطة وعوامل محفزة للتفاعل تختلف من معادلة بشرية لمعادلة أخري .
ويطفو علي السطح سؤالا بعد استعراض النقاط السابقة ما هو النموذج الأمثل لمعالجة التوتر والأزمة والتشويش والنزاع ، لقد لجأت هيئات كثيرة إلي إنشاء وحدة أو إدارة للازمات لها دور رئيسي في :
1- تكوين فريق إداري جيد ذو كفاءة وكوادر عالية وأدوات معرفية ضرورية .
2- تخطيط الوقت وإدارته مع الاستفادة بكل توقيت زمني في تخطيط الأزمات .
3- دراسة الروح المعنوية وكيف تتحول السلبيات إلي الايجابيات .
4- الإبداع وخلق نوع جديد من زيادة فاعلية الابتداع وذلك بطرح المتباينات وحصد آليات جديدة في حل وابتكار الجديد من الفرضيات المطروحة ،
وبالتالي فإن إتباع الاستراتيجيات في إدارة الأزمة او التوتر او النزاع يقوم علي أسس موضوعية علمية وذات قيم لها القدرة علي التعبير عن الرأي وبشكل في إطار قانوني ويسمح به العرف ، مع زيادة فاعلية قنوات الاتصالات وتحديد مستوي الصلاحيات والمسئوليات ومشاركة كل الأطراف في الحل بغية الوصل الي ما هو امثل أو كما يعتقد انه الأمثل .

مفتاح إدارة النزاع :

إن بناء حد ادني للنزاع أو بمعني تقليل حد النزاع من وجهة نظري بعد هذه السنوات التي أمضيتها في أروقة الوظائف والسلم المهني يؤكد علي أهمية التالي :
1- التصنيف الوظيفي وأهمية المراجعة الدورية للوظائف ومستجدات الكوادر البشرية وتنميتها .
2- التأكد من عدم سقوط مسار وظيفي من دوائر العمل وعدم دمج مسارات تؤدي لزيادة أعباء أو اتجاهات سلبية .
3- إن التدريب العملي لهو مفتاح التنمية الأول في أي مكان .
4- إن المراجعات الدورية للوائح والنظم الاخري ومحاولة تطبيق ما يفيد منها أو ربما تطبيقها بنصوصها الكاملة من مصادر أخري تتشابه بنفس ظروف المكان الذي نعمل به .
5- إن محاولة إثارة الآخرين وحثهم علي الاجتماعات الدورية المرتبة والمنظمة لهو أمر ضروري وان اخذ آراء الآخرين مهما كانت قيمته لهو أمر يضيف ويعدل من المسار .
6- إن تطبيق قاعدة لور ( جمال جمعة – 2008 ) وهي اختصار لحروف رابع وتم ذكرها في مقالتي السابقة وتتمثل في العبارة التالية ( تنصت ، تري ، تفهم ، تتصرف )
Listen, Observe, Understand and then Reply – L.O.U.R

طرق التعامل مع النزاع :

لا يوجد هناك طريقة أفضل ولا حل امثل في التعامل مع النزاع ولكن يعتمد الحل علي الموقف وابعادة ، وكل موقف له بعد وظل ومكون ، كما لو كان الموقف مثل الصورة التي نراها ، فالصورة المعروضة عليك ما هي إلا لوحة ذات لون ، وبعد ، وظل ، فعليك في التعامل مع النزاع أن تتعامل من منطلق الظل والبعد واللون وسوف اسرد حديثا لاحقا علي التعامل بالظل واللون والبعد بمشيئة الله .
- عليك أن تتجنب او تتفادي النزاع وان حدث فاتركه لفترة فإن الزمن قادر علي إذابته .
- التعامل مع الموقف ببساطة ودون انفعال .
- إخماد النزاع حتى ولو وصل إلي حد الاستسلام الظاهري .
- اجعل النزاع مرحلة مساومة للوصول للأفضل .
- الدخول لدائرة الأهداف المتبادلة ولن تتأتي إلا بالتعاون وليس بالنزاع .


النزاع مع النفس وكيفية القضاء علي حربك الداخلية .
كيف تقضي علي بؤرة اللهب وإخمادها ؟ إن محاولة عزاء النفس وترضيتها من الطرق التي تقلل من اثر النزاع الداخلي ولكنها ليست أفضل الحلول ، ولكي نصل إلي نقطة البداية علينا باستخدام معادلة المصارحة فالمصالحة ، فعلينا أن نحدد ماهية النزاع ونميزه ونعرف أبعاده وعلينا أن نناقشه مع حلفاء وان لم نجد نستخدم طريقة التعبير بالكتابة ونحدد في كتاباتنا الأسئلة التي تراودنا .
إن الغضب هو الصورة الضبابية التي لا تظهر أبعاد الصور ، فعليك أن تحدد دورك في الغضب وارتباطه بحل النزاع ، إن اختيار البدائل لرد الفعل المتوقع من الطرف الآخر أما بداخلك أو خارجك لهي بداية الحل ، وعليك ألا تختر الأذى طريقا للآخرين ، انه سمو الخلق والخلقة إنها دماثة الأخلاق ، عليك ان تتذكر قول الله تعالي
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف : 199]
تذكر في حل نزاعك أن تتسلح بالإيمان والقوة وتذكر دائما أن الأمور التي تجري أمامك وتحرك فيك عناصر كثيرة متفاعلة ومتباينة ترتطم ببعضها البعض وتتلاطم كما الأمواج فتحرك فيك وجدانا وشعورا لا تجعلها تؤثر عليك ، فالنظرة السلبية والتشاؤمية تكون معوقا للفكر والتفكير السليم وتتذكر قول الشافعي " أما تري البحر تعلو فوقه جيف .. وتستقر بأقصى قاعة الدرر .

النزاع مع الآخرين :
وكما هو معروف طبقا لنافذة جوهاري فإن هناك من المجاهل التي يجهلها الآخرون واعلمها انا ، وهناك ما يعلمها الآخرون ولا اعلمها أنا ، وهناك ما أعلمه ويعلمه الآخرون ، وهناك ما لا يعلمه الآخرون وكذلك أنا ،
ويصبح أمام الآخرين أزرارا ومفاتيح يريدون أن يصلوا إليها في فتح أو إغلاق النوافذ وهي القضية الكبرى في الفضول وخلق النزاع ، او عدم الفهم وخلق النزاع .
هناك شريحة من الأشخاص ليس لديهم الرغبة في تدخل الآخرين وإقحامهم في حياتهم الخاصة وما يقومون به ، فشريحة كبري ذات موروث ثقافي دائما تلعب هذه الأدوار وهي نماذج متكررة في دور الحياة وسلمه ومدرجه التكراري لا هدف لها إلا معرفة أزرار الآخرين ومن ثم اللعب بها أو اللعب عليها ومن هنا تنشأ في أحوال كثيرة إما النزاع أو الخلاف وفي أحيان كثيرة قد يحدث تآلف لتطابق الطباع ، ويتوقف ذلك علي طبيعة عنصري الاتصال .
إن الهدوء والصمت في ظل وجود طرف ساخن لهو أمر يدعو إلي ذوبان جليد النزاع ، وعليك أن تدرك دائما أن العاجز يلجأ إلي كثرة الشكوى والحازم يسارع إلي العمل وان الغضب هو المفتاح الأول للاتجاه السلبي في النزاع وهو مقود التيارات المضادة والأفعال الغير متوازنة والغير صحيحة ، وعلينا أن نسمع للآخرين ونعطي لهم حق الإنصات والاستماع ، وذلك من الرقي والسمو في التعامل .
واستذكر يوما عام 1984 أن تم حضور اجتماع إدارة وجاء دوري ، فخلال الكلمات أطلقت بيتا من الشعر قاله الشاعر : بالعلم والمال يبن الناس ملكهم .. لا يبن ملك علي جهل وإقلال، فعرضت بيت الشعر واختلفت مع الشاعر قليلا وطرحت شكلا آخر للبيت وهو: بالحب يبن الناس ملكهم .... لا يبن ملك علي حقد واضعان .
إنها كذلك ، فإن أردت فلك ذلك ، وإن لم ترد فعليك خيارا آخرا ، إن استقرار النفوس وهدوء النزاعات وتقليل المواجهات لهي مفتاح الارتياح الإداري .

جمال جمعة

No comments: