Sunday, April 6, 2008

قراءة في مفهوم الاتصال

قراءة في مفهوم الاتصال:







قبل الخوض في مهارة الاتصال علينا أن ندرك بعض الأمور والتي تمثل من وجهة نظري أسس البناء في مفهوم الاتصال، وهذه الأسس يمكن تطبيقها علي أشياء كثيرة .
في البداية جلست أفكر في هذه الأعجوبة إنه الإنسان الذي كرمه الله تعالي علي سائر هذا الكون العظيم ، وخلصت إلي أشياء تمثل مفاتيح كبري في عالم الفكر والاتصال ، إن المدخلان التي يستقبلها الإنسان تتمثل في هذا النوع من الاتصال ثلاثة أشياء وهي الحرف أو الرقم والصورة وتستقبل بأدوات هي العين والإذن ، وهي من نعم الله التي لا تحصي ، والعين والإذن من الأدوات والتي نستخدمها وهي مهيأة لاستقبال الأشياء ، فهي وسيلة من الوسائل وهي تعتبر من المدخلان والتي تكون علي صورة حرفية أو رقمية أو شكلية وذلك كما أسلفنا من قبل .
ويحدث أن تكون المدخلان علي صورة بيانات ومعلومات وتتمثل في أشكال ثلاث أسلفناها ألا وهي الرقم والحرف والشكل NLI (NUMBERS , LETTERS , IMMAGE ) ، ونتفاعل مع الثلاث أشكال بطريقتين وهما الاستماع و المشاهدة وهي تدخل إلينا بشكل مشفر ، إذن جهاز الاستقبال لدينا يستقبل المعلومات والبيانات بشكل مشفر ومرمز ومن خلال وسائل وعن طريق إما المحادثة أو الكتابة فنتحدث بحروف مكونة كلمات ونري صورا من خلال العين وتدخل لدينا أيضا مشفره وسؤالنا إلي أين تذهب الحروف والمكونة للكلمات والعبارات والنصوص وغيرها والتي تحتوي بداخلها الأرقام ويضاف لذلك صور الأشياء ، تدخل الأشياء لمنطقة الإدراك بالحواس السمعية والبصرية وبالتالي فالإدراك هو ذلك العملية التي نقوم نحن باستقبالها لتفسير المعلومات decoding ، وعبر أعضاء الحس التي تتأثر وتستجيب لهذه المؤثرات سواء من خلال موجات الصوت وهي طاقة أو الموجات الكهرومغناطيسية التي تؤثر علي عيوننا .
إذن المؤثرات تكون من خلال الاهتزازات الصوتية أو الموجات الإشعاعية ، وهناك من الأعضاء التي يكون لها دور مساعد في ذلك مثل الأنف إضافة إلي جهاز الكلام في الإنسان ، وأي نقص أو انتقاص في جهاز الإبصار أو السمع سوف يتأثر بما حوله وعلي مدخلاته وبالتالي مخرجاته .
وعودا علي مسألة الإدراك فكل الأعضاء بالجسم تستجيب للمؤثرات المحيطة بها فأعضاء الحس تستجيب للحرارة ودرجاتها المختلفة والعضلات كذلك فهي تتأثر بالحركات ، وقد تنشأ لغة الجسد والتي أخذت جزءا كبيرا من العلماء وتفسيراتها ، والذي يجب علينا أن نعرفه أن أعضاء الحس هذه وطاقاتها المختلفة والتي تتحول إلي شحنات تنقل إلي الدماغ ويصبح للإدراك أنماطا كثيرة ومختلفة تختلف بمصدر الحركة .
وعملية الإدراك الحسي لا تكشف الأحداث فكلنا نري الضوء والألوان وغيرها من الصور وهو علي شكل موجات نستقبلها ، علي الرغم انه لا يوجد ضوء او لون في الموجه الكهرومغناطيسية والتي تنبه العيون ، والصوت الذي نستقبله وهو علي صورة اهتزازات تنبه الإذن فلا تحتوي الاهتزازات علي أصوات وبالتالي فالاهتزازات المشفرة تذهب إلي الدماغ ليقوم بفك هذه الاهتزازات وتحويلها إلي تنظيم وتتفاعل مع بعضها ، وتقوم حاسة السمع وحاسة الإبصار بتحويل هذه الطاقات المستقبلة ، من منبهات من حولنا إلي معلومات وتفاعلات وهو ما يفسر أن عملية المعرفة مع الفهم مبنية علي الحس والعقل ولا يمكن الاعتماد علي الحس فقط بل علي الحس والعقل معا ، وقد يجرنا هذا إلي شيئين ألا وهما العقل والقلب وهذا ليس موضوع الحدث .
إن فقد الحواس ، أو أي جزء منها قد يحرمنا كثيرا من المعارف التي تتصل بها ، والذي يهمنا هنا أن العمليات التي تتم في الحواس من تنظيم وتفاعل يكون مخرجها بالاستجابة وهو علي صورتين إما استجابة بفعل action أو استجابة إبداع وتختلف الاستجابة من شخص إلي آخر حسب طريقة الإدخال الرمزية والظروف المحيطة بها ، والعمليات التي تتم بالحواس ويقوم بترجمتها الحواس وتدركها ويتحكم بها العقل والتي تخرج علينا بشكل أفعال وأقوال أو تفكير إبداعي لهي رد فعل المدخلات بعد تحويلها داخل العقل ووحدة فك الشفرة .
والتمييز بين مبني علي المعرفة ، والمعرفة قوة وطاقة كامنة بداخلنا منذ الأزل ونخلص بهذا إلي أن إخراج هذه المعلومات بالقوة يعني تفسيرا للمعرفة وتستخلص المعرفة من فرضيات ومسلمات قد تم تكوينها وترتيبها داخل هذا العقل البشري المبدع وهو من خلق الله .
والتميز والتمييز هو التفريق بين الشيء وعلته ، والحروف التالية توضح خطوات المعرفة وهي الاستماع و الملاحظة و الفهم والاستجابة أو ( جمال جمعة – مارس 2008 ) وطبقا لهذه القاعدة فالاستماع والملاحظة مدخلات بشكل كودي مشفر ، أما الفهم فهو يتم بعمليات لفك الشفرة والتي تقوم بالتنظيم والتفاعل مع المستقبلات وأما الاستجابة فهي مخرجات تكون في الأفعال والأقوال والإبداع تنتج من المدخلات كرد فعل المدخل علي المخرج .
ويطرأ علينا سؤالا ، أليس علينا أن نفهم أنفسنا قبل أن نفهم ما يحيط بنا وان نبصر ما في أنفسنا حتى ندرك ما حولنا فهذه الدرر التي منحنا المولي إياها ، علينا أن نفهمها قبل أن نفهم الآخرين وبالتأمل فإذا كنا لا نستطيع أن نفهم ما بأنفسنا فكيف نفهم الآخرين ونتعامل معهم ، وبالتالي علينا أن نتعلم كيف نتحاور مع أنفسنا قبل أن نتحاور مع الآخرين وكيف نستطيع بما نملك أن نخرجها إلي الآخرين وبأي صورة حتى يتم الاتصال والتفاعل .
ونخلص مما سبق إلي التالي أن الاتصال لهذا الإنسان بأخيه الإنسان أو بأي كائن آخر علية أن يتفهم ما يدور ويحدث داخله أولا قبل أن يطلقه ويظهره للآخرين بمعني الحوار مع النفس بداخلنا عن طريق الإدراك والتمييز في المعتقدات والقيم وما يحدث بداخلنا ما هو إلا ترتيبا للأحداث تظهر للعالم أو للطرف الآخر .
وبالتالي فلكي نتصل علينا أن ندرك ونتعلم ونسيطر علي أدواتنا الداخلية قبل أن نسيطر علي الآخرين فمن لا يستطع أن يسيطر علي نفسه لا يستطيع أن يسيطر علي الآخرين فبداخلنا السر وعلينا أن نستكشفه ونبصره ، وقال تعالي وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات : 21]
، فما هو الشيء الذي بداخلنا حتى نبصر .
إن معرفة الآخرين هي حكمة كبري وأما معرفتنا لا نفسنا فهي النور الذي يضيء السبيل لنا لنري الآخرين .
إن القدرة علي التفسير والتعليل والتحليل وهي كوامن بالنفس تطلق علينا طاقات كبري في الاتصال بالآخرين، وتفسير المدركات بصورة خاطئة يعطينا تصورا خطئا لمعتقدات مشوشة أو فرضيات غير سليمة أو غير منطقية .
إن اللسان وهو أداة النطق والذي يصدر اصواتا وحروفا تكون كلمات متناغمة قد تكون كذلك أو لا تكون ، له أهمية في إخراج التعبيرات لتصبح مدخلات للآخرين وأهمية معرفة المفردة اللغوية ومعناها ومدركها لهو بداية الخيط لفك رموز الحروف والكلمات مرتبة في صورة منطقية يقبلها العقل بناء علي معتقداته ومفاهيم مورثة وبثقافة تحيط به في زمن الحدث .
ومعاني الأشياء تدل عليها والإدراك الصوتي مبني علي الإدراك الحسي وتنمو هذه المدركات مع الإنسان لمخزون المعرفة التي تعلمها منذ البداية حينما وقف الموقف العظيم في يوم الست بربكم ، وتتوافق وتتناغم الحواس في صورة مقطوعة موسيقية إما متناغمة أو شاذة يقبلها الآخرون أو لا يقبلها وعلينا أن نعزف بحواسنا قطعا موسيقية متناغمة متراصة ليس بها خلل ، وإذا كان بها خللا علينا أن نعرف العلة ونحاول مرة أخري .
فالاتصال هو ميكانيزم الحياة وبدونه يعيش الإنسان وحيدا معزولا ، والتوافق بين الأساس الحركي والحسي للإنسان هو آلة العزف الجيدة والتي تخرج علينا يوما بمهارات وقدرات في التعامل مع الآخرين فهي ميكانيزم الحياة .
ولقد ذكر الله تعالي في محكم آياته ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ) .
وفي النهاية ما علينا إلا أن يكون لدينا التوافق بين الأساس الحركي والحسي في التعبير بحواسنا وأعضائنا للاتصال والتواصل للتعبير عن الفكر والفكرة وعن الصورة والتصور ، ومن يستطيع أن يكون قادرا علي تغيير المواقف بعد فهمها وان يتصرف بشكل مبتكر وإبداعي يمكن أن يواجه انسجاما اجتماعيا وبأقل قدر ممكن من الضغوط والتوتر والتي نعيشها الآن . والي الغد
جمال جمعة .

No comments: